يُشكِّل الوعي الحروف الأولى لمعجم السياسات والقرارات في أي مجال مادام الإنسان محورها، فالوعي هو الدلالة المنطقية بأنَّ العقل يمارس مهامه بحيوية واقتدار، فحين نكون على اتصال دائم ومباشر بكل ما حولنا فإننا قد بدأنا في الخطوة الأهم نحو الوعي به وهي " المعرفة " وحين نتحدث عن الوعي الإحصائي فإنَّنا نتحدث عن حالة من الإدراك والشعور بأهمية الإحصاء وعلومه في مفاصل الحياة وما يترتب على هذا الإدراك من سلوك تجاه البينات والمعلومات والمؤشرات التي تصدرها الأجهزة الإحصائية المختصة ، وتجاه من يعمل على إنتاجها ، وتجاه طريقة استخدامها أو نشرها والتعامل معها ، و هذا السلوك المنشود مُرتبط بالإدراك الذي لا يتحقق دون معرفة ، فكيف لنا ندرك حقيقة الأشياء إنْ لم نتعرف عليها ، لذلك يمكن أن نًعرَّف الوعي الإحصائي بأنَّه السلوك الإيجابي المبني على الإدراك والمعرفة بأهمية الإحصاء .
وفي ا لوعي الإحصائي كنشاط اتصالي نجد أنَّ كثير من التعريفات والممارسات تجعل محور الوعي هو الفرد وإنْ وسَعتْ الدائرة وضعت معه المجتمع ، ومُبرر هذه الممارسات هو أنَّ إدراك الفرد وشعوره بأهمية المعلومات الإحصائية يساهم في التفاعل مع العمل الإحصائي والتعاون مع الجهاز الإحصائي وتزويده بالبيانات الدقيقة ، وهو بلا شك هدف الكل يسعى له ولكني أرى بأنَّ هذا النوع من الوعي هو " وعيٌ موجَّه " يراعي مصلحة طرف واحد فقط وهو الجهاز الإحصائي والباحثين الميدانيين ليسهل عليهم عملية جمع البيانات ، بينما الوعي الإحصائي الذي ننشده ونعمل على نشره هو عملية متكاملة تنطلق من مبدأ المصلحة المشتركة win) / win ) فالوعي الإحصائي يبدأ من منتجي البيانات ويساهم فيه الفرد والأسرة والمدرسة والجامعة والمجتمع والإعلام و مستخدمي البيانات ليعود مرّة أخرى للمُنِتج ، وبالتالي سيحقق هذا التفاعل المتكامل سلوك إيجابي تجاه عملية إنتاج البيانات واستخدامها ونشرها والتعامل معها .
وإذا ما أردنا أن نصل بالإحصاء إلى أسلوب حياة وثقافة يومية فإنَّ الوعي الإحصائي هو الطريق لذلك الهدف، وإذا ما أردنا أن نصل للوعي الإحصائي فإنَّ المعرفة الإحصائية هي المسار ، وإذا ما أردنا أن ننشر المعرفة ؛ فعلينا أنْ نبقى على اتصال ..
بقلم: أ. تيسير المفرج
مدير عام الإدارة العامة للإعلام والوعي الإحصائي – المتحدث الرسمي