16 يونيو 2024

آخر تحديث 22 / 09 / 2018

الإحصاء والتنمية .. رعاية واهتمام من عهد المؤسس وحتى زمن الرؤية

 
 

 

 

الإحصاء والتنمية .. رعاية واهتمام من عهد المؤسس وحتى زمن الرؤية

 

بكل فخرٍ واعتزاز نستقبلُ كل عام في مثل هذا التوقيت ذكرى يومنا الوطني ليكون محطةً مُلْهمةً لنا وللأجيال القادمة ننطلق من خلالها للمشاركة في مسيرة التنمية التي بدأها مؤسس هذه البلاد المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود  - رحمه  الله - واليوم في  الذكرى الـ 88 لليوم الوطني أتشرف بالأصالة عن نفسي ونيابةً عن كافة منسوبي الهيئة العامة للإحصاء والقطاع الإحصائي في المملكة  بأن أرفع التهنئة لمقام  سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولمقام سمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظهم الله، تهنئةً ممزوجةً بعبارات الشكر والعرفان على ما يجده كل مواطن ومقيم فوق ثرى هذه الأرض المباركة من رعاية واهتمام. 
اليوم ونحن في الذكرى الـ 88 لليوم الوطني نتوقف لنتأمل عمق التفكير والتخطيط منذ تأسيس هذه البلاد وتوحيد شملها؛ حيث أدرك المؤسس وتبعه كافة الملوك من بعده أن التنمية تبدأ من توفيرِ بنيةٍ معلوماتية متينة تستند عليها كافة مشاريع البناء والنماء في مختلف المجالات،  فوراء كل قرار تنموي منذ التأسيس ومرورًا بمراحل النهضة ووصولًا لمعالم الرؤية معلومةٌ يتمُّ الاستناد عليها، وبيانٌ ترتكز عليه منظومةُ عملٍ متكاملة، ورقمٌ يتعدَّى لغة الأرقام  إلى لغة أعمق هي لغة الإحصاء، والتي بدأت بواكيرُها مع الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - رحمه الله - حيث شَهِدَ عام 1349هـ (1930م) بداياتِ أعمالِ الإحصاء بصدور نظام الإحصاء للواردات والصادرات لإدارة الجمارك في الحجاز، ثم تم إنشاءُ قسمِ الإحصاء في المديرية العامة للشؤون الاقتصادية بوزارة المالية والاقتصاد آنذاك، وفي السابع مِنْ شهر ذي الحجة عام 1379هـ (1960م) أصدر الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - نظامَ الإحصاءات العامة، كما تمَّ إنشاءُ المصلحة العامة للإحصاء بوصفها جهازًا مركزيًا للإحصاءات الرسمية في الدولة، وشهدت تلك المرحلة تأسيسَ إدارات متخصصة للإحصاء في كافة قطاعات الدولة ووزاراتها بهدفِ جمْعِ البيانات والمعلومات المتعلقة بأعمال كل قطاع ووزارة، كما شهدت تلك الحقبة الزمنية أولَ عمليةٍ إحصائيةٍ لحصر السكان والمباني والمؤسسات في كافة مناطق المملكة عام 1383هـ (1963م).
 وتواصل الاهتمامُ بالقطاع الإحصائي في عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - حيث شهد عهدُه بناءَ عدةِ تقديرات ومؤشرات إحصائية كتقديرات الناتج المحلي الإجمالي لعام 1386/ 1387هـ  (1966/ 1967م) كما شهد عام 1389هـ (1969م) أولَ عملية حصرٍ عينيٍّ للمؤسسات الخاصة في المملكة العربية السعودية، وفي عام 1390هـ (1970م) تمَّ تنفيذُ أولِ بحْثٍ للإنفاق الاستهلاكي في مدن: الرياض وجدة والدمام، وتمَّ إصدارُ أولِ نشرة سنوية عن الأرقام القياسية لتكلفة المعيشة، وفي عام 1393هـ (1973م) تمَّ تنفيذ التعداد الزراعي الأول في المملكة عن طريق وزارة الزراعة آنذاك، وفي عام 1394هـ (1974م) تمَّ إنجاز التعداد الأول للسكان والمساكن في المملكة العربية السعودية.
واستمرت مسيرة الإحصاء في مملكتنا الغالية مواصلةً دورها  المهم في عهد الملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله – ففي عام 1396هـ (1976م) تمَّ تنفيذُ التعداد الأول للمؤسسات الخاصة في المملكة العربية السعودية، كما تمَّ بحثُ الإنفاق الاستهلاكي في خمس مدن، هي: الرياض، وجدة، والدمام، وأبها، وبريدة، ليشهد بعد ذلك عامُ 1400هـ (1980م) تنفيذَ بحثِ الإنفاق الاستهلاكي في عشرِ مدن رئيسة في المملكة، هي: الرياض، ومكة المكرمة، والمدينة المنورة، وجدة، والدمام، والطائف، وأبها، وتبوك، والهفوف، وبريدة، كما تمَّ تنفيذ التعداد الاقتصادي العام للمملكة العربية السعودية عام 1401هـ (1981م).  
وتَوَاصَلَ تطورُ مسيرةِ الإحصاء في المملكة العربية السعودية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله – حيث شهد عام 1402هـ (1982م) أعمال التعداد الزراعي الثاني، وفي عام 1404هـ (1984م) بدأ إصدارُ نشرةٍ للأرقام القياسية لأسعار الجملة بشكلٍ دوري، كما تمَّ تطوير نشرات إحصاءات التجارة الخارجية، وتطويرُ نشرةِ الحسابات القومية، وفي عام 1411هـ (1990م) تمَّ تنفيذ التعداد الزراعي الثالث في المملكة، وفي عام 1413هـ (1992م) تمَّ صدور التعداد الثاني للسكان والمساكن في المملكة العربية السعودية، كما تمَّ البدءُ في تطبيق نظام الحسابات القومية طبقًا لخطة تنفيذية متعددة المراحل، وفي عام 1414هـ (1993م) تمَّ تنفيذُ تعداد المُنشآت والبدءُ في استخدام النظام المُنَسَّق لتصنيف بيانات إحصاءات التجارة الخارجية، وفي عام 1416هـ (1995م) انتقلتْ تبعيةُ المصلحة العامة للإحصاءات مِنْ وزارة المالية إلى وزارة الاقتصاد والتخطيط. 
ويستمر الاهتمامُ بالإحصاء في المملكة العربية السعودية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - ففي عام 1425ه (2005م) تمَّت أعمالُ التعداد الثالث للسكان والمساكن في المملكة، وفي عام 1426هـ (2005م) تمَّ تغييرُ اسمِ المصلحة إلى  مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات لتكون مسؤولة عن الإحصاءات والمعلومات في المملكة العربية السعودية، وفي عام 1428هـ (2007م) تمَّ ارتباط مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات تنظيميًّا بمعالي وزير الاقتصاد والتخطيط.
وفي عام 1428هـ (2008م) تمَّ البدءُ في تطبيق نظام الحسابات القومية، كما تم تطوير برامج الأسعار والأرقام القياسية، وفي عام 1430هـ (2009م) تمَّ توجيهُ الجهات الحكومية المسؤولة عن الإحصاءات الرسمية بتزويد المصلحة بالبيانات والمعلومات الإحصائية بشكل دوري، كما تمَّ بدءُ العمل على الربط الإلكتروني بين المصلحة والأجهزة الحكومية، وفي عام 1431هـ (2010م) تمَّ تنفيذ التعداد الرابع للسكان والمساكن في المملكة العربية السعودية.
وتُوِّجت مسيرةُ العملِ الإحصائي في المملكة العربية السعودية بنقلةٍ ساميةٍ  في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - ففي عام 1437هـ (2016م) صدر الأمر السامي بتحويل مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات إلى هيئةٍ عامةٍ تُسمَّى الهيئة العامة للإحصاء، تتمتع بالشخصية الاعتبارية وبالاستقلال المالي والإداري، تلا ذلك الموافقة على تنظيم الهيئة العامة للإحصاء الصادر من مجلس الوزراء، والذي تضمن عدة مواد جديدة لتنظيم العمل الإحصائي، وبدأ التحول الجذري في القطاع الإحصائي بخطوات واسعة، وبدأت الهيئة بحمد الله تقديم البيانات والمعلومات ومختلف المنتجات الإحصائية لكافة الجهات الحكومية والمنظمات بشكلٍ مضاعف عما كانت عليه، ففي الوقت الذي كانت السنوات السابقة للتحول الإحصائي تشهد ما بين 8 مسوحٍ إلى 11 مسحًا سنويًّا؛ أنجزت الهيئة في العام الماضي وحده قرابة الـ 43 مسحًا ميدانيًّا، وليشهد هذا العام بدعمٍ مباشر من القيادة الرشيدة - أيدها الله - إنجاز قرابة الـ 56 مسحًا ، ولازال للإنجاز بقية .. 
لقد وضعت النقلة السامية في عهد سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله قطاعَ الإحصاء في المملكة على طريق العمل الإحصائي المتقدم لتكون الهيئة العامة للإحصاء السعودية واحدةً من الأجهزة الإحصائية الدولية التي تُستنسخ تجاربُها وممارساتُها وتُنْقَل لغيرها من الدول ولله الحمد.
واليوم، بفضلٍ من الله يلاحظ الجميعُ أنَّ هناك حراكًا تطويريًّا في كافة الأصعدة يقودُه سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز  وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان - أيدهم الله - وهذا الحِراك عالي المستوى يهدِفُ إلى الدفع قُدُمًا بالتنمية الاقتصادية الشاملة، مما حفَّزَ جميع أجهزة الدولة إلى أن تعمل بإيجابية مع مقتضيات المرحلة، فعملية التنمية الشاملة تعتمد على عددٍ من المرتكزات التي تم بدء العمل بها، كتعدد مصادر الدخل، ونمو المُدخرات، وصناعة فرص العمل، وإيجاد تشاركية فاعلة بين القطاعين العام والخاص، واستمرارية تنفيذ المشاريع التنموية والخدمية، وإحداثُ حراكٍ تطويريٍّ شامل للخدمات، ورفع كفاءة الإنفاق العام، وكذلك رفع كفاءة استخدام الموارد، والحدُّ من الهدر، ورفعُ تنافسية قطاع الأعمال، وكل ما نشهده في قيادة مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية لمسيرة التنمية يُحَّمِلُـــنا في قطاع الإحصاء مسؤوليةً مُضاعفةً في جودة المنتجات الإحصائية التي تعد المُدخلات الرئيسة للتخطيط التنموي الفاعل والتطوير المستمر.
إننا ونحن نعيش في أحد أيام الوطن الخالدة ندرك تمامًا أنَّ الدورَ المأمولَ مِنْ الهيئةِ العامةِ للإحْـصاءِ أصبحَ أكثرَ أهميةً في ظلِّ مشروع التحول الوطني، فتوفير البيانات الدقيقةِ والمؤشراتِ الإحصائيةِ الفعَّالة، وتطوير أدوات القياس يُعدُّ الوقودَ الحقيقيَّ لخُطَطِ التنميةِ والتطوير وتحقيق أهداف رؤية المملكة 2030، وإدراكُنا لهذا الدورِ يَجعَلُنا في الهيئةِ العامةِ للإحْـصاءِ نعملُ بكل طاقاتنا وإمكانياتنا الماديةِ والبشريةِ في سبيلِ الوصول لتحقيق رؤيتنا بأنْ نكون المرجعَ الإحصائي الأكثرَ تميزًا وابتكارًا لدعمِ التنمية الاقتصاديةِ والاجتماعيةِ في المملكة العربيةِ السعودية، إننَّا نسعَى إلى تقديم مُنتجاتٍ وخدماتٍ إحصائية محُدَّثة تتمتع بالدقةِ والشموليةِ، وفقًا لأفضلِ المعايير والممارساتِ الدولية، فتكتسب المصداقية والموثوقية من جميع العملاء، لما تتمتع به من احترافية عالية، تحقق لها الريادة في تطويرِ القطاعِ الإحصائي دعمًا لخطط التنمية، ورائدُنا في كلِّ ذلك هو حبُّ الوطن وشغفُ الإنجاز الذي توارثته الأجيالُ منذ انطلاقة هذه الدولة المباركة، سائلين الله العلي القدير أن يديم علينا الأمن والأمان والرخاء والاستقرار. 
إننا اليومَ ونحن نتأمَّلُ قصة "البناء والنماء" لهذا الوطن مطالبون كأفراد وجهات بالحفاظ على المنجزات وتعزيزها بمواصلة العمل والجهود في ظلِّ قيادتنا الرشيدة، وبما يُلبي توجيهاتِها وتطلعاتِها لتبقى المملكة العربية السعودية "أيقونة" للتنمية على كافة الصُّعُد والمجالات.

التقييم الصفحات

التحقق من الاستخدام البشري